أصوات الشارع العالمي تلتقي موسيقياً:
ويمكن لنا أن نلحظ مدى جاذبية الراب عموما من خلال هؤلاء الذين يشترون الأسطوانات المدمجة CD. تقول شركة ساوند سكان Sound Scan التي تقوم برصد المبيعات الموسيقية إن 70% من مشتري موسيقى الراب اليوم هم من البيض. وتقدر مؤسسة تي أم جي TMG المختصة بالتسويق والاتصالات أن "الفئة التي تتمتع بطرق تفكير الأحياء الفقيرة" في الولايات المتحدة- أي السود أو أولئك الذين يحاكون ثقافتهم- يمثلون اليوم 100 مليون نسمة. وهذه الظاهرة عالمية؛ فهناك فرق إيطالية وفرنسية ومكسيكية لموسيقى الراب. وهناك تلاميذ مدارس ثانوية ألمان يتحدثون الإنجليزية بلكنة ألمانية ثقيلة لكنهم يرددون أغاني الراب بلكنة هارلم أو ديترويت. وقبل ثلاث سنوات، كوّن ثلاثة من عرب إسرائيل فرقة راب اسمها أم دبليو آر وبدأوا يقدمون أغاني مليئة بالأمل والتحدي. لقد التقت أصوات الشارع الأميركي بأصوات الشارع حول العالم. وإذا ما استمر هذا الأمر في الرواج، فإن ثقافة الهيب هوب قد تكون أكبر قوة عرفتها ثقافة البوب منذ ظهور هوليوود. فإلى أي مدى ستصل إليه هذه الظاهرة؟ إنها تؤثر حالياً في عشرات الصناعات الأميركية. ففي السنة الماضية حينما طرحت شركة ريبوك أحذية جاي-زي في الأسواق بلغت المبيعات حجما يفوق حجم أية مبيعات لأحذية تحمل اسم أي رياضي في تاريخ الشركة، بما في ذلك نجم كرة السلة آلين آيفرسون وكبير نجوم كرة القدم جو مونتانا. ويعزو صانع الأحذية لوغز Lugz الفضل في ازدهار تجارته إلى الهيب هوب، وذلك بعدما وقّعت الشركة عقودا للتسويق مع نجمي الراب المخضرميْن سنووب دوغّ وفنك ماستر فليكس Flunkmaster Flex. وتقول شركة جيليت Gillete الصانعة لشفرات الحلاقة إن مبيعاتها زادت بنسبة 14% بعد ما بدأت في الإعلان عنها في إحدى محطات الهيب هوب الإذاعية في مدينة ممفيس الواقعة جنوب شرق الولايات المتحدة. وبعدما أطلقت شركة سبرايت حملتها الإعلانية بالتعاون مع نجوم الهيب هوب في عام 1999، أفادت مجلة تايم أن عدد من وصفوا مشروب سبرايت بأنه مشروبهم المفضل زاد أربعة أضعاف. يقول ديمون ويليامز وهو مذيع مخضرم في محطات الهيب هوب ويشغل الآن منصب كبير مديري البرامج في شبكة ميوزيك تشويس Music Choice، وهي شبكة كابل تلفزيونية للموسيقى: "السبب وراء شعبية الهيب هوب وانتشارها هو أن فنانيها قاموا بدور أفضل في تسويق نمط الحياة المرتبط بهذه الموسيقى من فنانين آخرين. فالسيارات والملابس والتوجهات القيمية، كل هذه العوامل جعلت هذه الموسيقى أكثر جاذبية وغرست نزعة إلى التمرد على نحو أفضل من أية حركة موسيقية أخرى في عالمنا اليوم". شبكة ميوزيك تشويس، على سبيل المثال، لديها 45 قناة، اثنتان منها موجهتان إلى سوق الهيب هوب. وتحتل هاتان القناتان موقعي القمة بين أكثر خمس قنوات انتشارا. وقد قامت ميوزيك تشويس السنة الماضية بتغيير الموسيقى التي تُبث على محطة الريثم أند بلوز إلى موسيقى الريثم أند بلوز والهيب هوب لتعكس بذلك الجاذبية الرائجة لهذا النمط الموسيقي. يضيف ويليامز قائلا: "الهيب هوب هي موسيقى الريثم أند بلوز في عصرنا هذا".
هل يجتمع الفن والمال؟
وكل ذلك يجعل من الهيب هوب أكثر أشكال الموسيقى الأميركية جلاء. فالنجوم ليسوا أطفالا مدللين، بل هم ممن عركتهم حياة الشارع وقد جاؤوها إلى هذه الموسيقى من بيئات معدمة، قاهرين كل العوائق حتى أصبحوا من كبار المليونيرية. ويمثل هذا جوهر ما سيؤول إليه مصير موسيقى الهيب هوب. فالنزعة التجارية ستقضي على روح ثقافة الهيب هوب على نحو أسرع بكثير مما قدمه صفاء توجهها الذي صنع مجدها. يقول ويليامز من ميوزيك تشويس: " تكمن المشكلة الآن في غياب التميز، فقد أصبح الجميع متشابهين إلى حد يبعث على الضجر. لم يكن الأمر هكذا دائما. بيد أن للهيب هوب القدرة على تجديد نفسها على الدوام، ولا أظن أنها ستندثر".
لذا، فقد يكون أمرا مشجعا أن يتوجه مقدم برنامج إذاعي بالنقد لشركة بيبسي لاختيارها مطرب الراب لوداكريس ليكون ناطقا رسميا باسمها. يقول ويليامز إن كلمات أغاني لوداكريس كريهة ومهينة بالنسبة للذوق العام، وهو ما أدى إلى تراجع شركة بيبسي عن العقد. بيد أن لوداكريس لديه ألبوم في قائمة أكثر الألبومات مبيعا اليوم، وله شريط فيديو ناجح بعنوان هوليداي إن Holidae Inn حيث يظهر فيه سوية مع سنوب دوغ ونجم الراب الجديد تشينغي. يقول لوداكريس في رد على هذا التجريح الكلامي: "لم أفهم بعد ما الذي يجري، فهو ما زال يتحدث عني في برنامجه. إن استمراري في النجاح سيكون هو الرد على هذا الشخص. وسواء تحدثت عنه أو لم أفعل، فإن مواصلتي للنجاح ستُفقده أعصابه". وهذا أيضا هو السبب الذي سيُبقي موسيقى الراب نابضة في قلوب محبيها، وهو ما سيُبقي أيدي الشباب تمتد إلى جيوبهم لشراء ألبومات الراب الموسيقية